الخرطوم- سودانية 24
محذرة من مغبة نشر وثائق مضللة، سارعت القوات المسلحة إلى نفي ما رشح من معلومات في المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بإجراءات هيكلة جديدة للجيش، قاطعة بأن ما تم تداوله غير دقيق، ولم تتم أي تعيينات جديدة في القيادة العامة.
وكان موقع “مورنينغ نيوز” قد نشر معلومات تفيد بإعادة العمل بنظام القيادة العامة، وإلغاء هيئة الأركان المشتركة وتعيين مساعدين للقائد العام، بالإضافة إلى تقسيم المناطق العسكرية إلى ثمانٍ هي: “الشمالية، الجنوبية، الشرقية، الغربية، النيل الأزرق، البحر الأحمر، الوسطى، ومنطقة العاصمة العسكرية”.
وكشف الموقع عن إصدار قرار بتبعية الدعم السريع إلى القائد العام، وإعادة العمل بالمادة (5) من القرار (34) للمجلس العسكري في العام 2019م، فضلاً عن تبعية وحدات أخرى بالجيش إلى القائد العام وأخرى إلى وزارة الدفاع منها: “هيئة المساحة السودانية والمركز القومي لمكافحة الألغام”.
ويشار، إلى أن تعميم الناطق الرسمي الصادر، اليوم (الخميس)، لم ينفِ بشكل قاطع صحة المعلومات المتداولة عن الهيكلة بقدر ما وصفها بغير الدقيقة، بينما دافعت رئيسة تحرير “مورنينغ نيوز” الصحفية روشان أوشي في صفحتها على “فيسبوك” قائلة: “بيان الناطق الرسمي صحيح، فيه جزئية غير دقيقة وهي المتعلقة بإلغاء هيئة الأركان المشتركة.. لم تُلغَ الهيئة وإنما تم استحداث منصب مساعدي القائد العام، وبقية الخبر صحيحة مائة بالمائة”.
ومنذ إسقاط النظام البائد في أبريل 2019م، صعدت قضية إعادة هيكلة وإصلاح المؤسسة العسكرية وصولاً إلى جيش قومي واحد بعقيدة عسكرية جديدة، لكن دائماً ما كانت تصطدم بممانعات من جهات عسكرية أو تأجيل الشروع في المعالجة.
ويبرر الذين ينادون بإصلاح المؤسسة العسكرية الدعوة نسبة لظروف عدم الاستقرار الذي شهدته البلاد على مدار تاريخها منذ الاستقلال، وكانت القوات المسلحة أحد أضلاع الحكم.. بالتوازي، ظلت الأجهزة الأمنية تتعرض لاتهامات بعدم انتمائها القومي وانحيازها للسلطة في الصراعات السياسية واستخدامها أداة للانقلاب على الأنظمة الديمقراطية.
ويؤكد المراقبون أن دعاوى الإصلاح تستند إلى عدة محاور رئيسة، أولها ضبط العلاقات المدنية العسكرية، ودمج الجيوش في جيش واحد، وجمع السلاح، بالإضافة إلى المساءلة القانونية عن الانتهاكات التي كان طرفها الأجهزة العسكرية والأمنية.
ومؤخراً، تم إدراج قضية إصلاح المؤسسات الأمنية ضمن القضايا الخمس التي من المفترض أن تناقشها ورش العملية السياسية وتُضمّن مخرجاتها في وثيقة الاتفاق النهائي.
لكن وبصورة لافتة، أطلق القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، وعضو مجلس سيادة شمس الدين كباشي، خلال الأيام الماضية، تصريحات في سياق عدم السماح بالتدخل في شأن القوات المسلحة وإعادة هيكلتها.
إلى ذلك، عدّ بعض المتابعين، قرارات الجيش الأخيرة المتداولة- في جزئياتها الدقيقة- غير معنية بإصلاح القوات المسلحة بقدر ما هي إعادة هيكلة لتكريس السلطات في يد القائد العام، لكن ما يتعلق بإصلاح العقيدة وإبعاد عناصر النظام المباد ودمج المليشيات المسلحة والدعم السريع، فهي لم تعالج بشكل جذري حتى اللحظة.
يقول المحلل السياسي أنور سليمان، إن ما رشح من إعادة هيكلة لم يغادر طور التكهنات إن لم نقل الشائعات، مبيناً أن في الأصل هناك ترتيبات تم إقرارها بعد أبريل 2019م من ضمنها العودة إلى نظام “منصب القائد العام” وتعديل نظام المناطق الجغرافية، لكن ذلك تم بصورة متكتم عليها ولأغراض غير إصلاح المؤسسة.
وعن تبعية الدعم السريع إلى القائد العام، يقول “سليمان” في إفادات لـ”سودانية 24″: “تبعية الدعم السريع للقائد العام في الوضع القائم الحالي ليست ذات قيمة ولا معنى لها، فالقائد العام هو نفسه القائد الأعلى وهو من تخدم ترتيبات الوضع ما بعد أبريل 2019م قبضته ونفوذه.. ويتم تكريس كل التغييرات لتنصيب دكتاتور جديد”.
وعلّق المحلل السياسي على التصريحات الأخيرة لقادة الجيش بعدم السماح بالتدخل في شؤون القوات المسلحة من قبل السياسيين، قائلاً إن التصريحات التي يتواصل صدورها عن أركان الوضع القائم تسعى لتكريس الانفراد بالقرار الإستراتيجي المتعلق بالأمن القومي، وبالتالي ضمان نوع من السطوة والتحكم في مآلات هذا الوضع، وضمان تغيير متحكم فيه جيداً لا يسفر عن شيء ذي بال.