الخرطوم- سودانية 24
على وقع التخوفات العالمية من تفاقم الأوضاع وانتشار مرض “جدري القرود”، أعلنت السلطات الصحية بالبلاد عن وضعها تدابير احترازية للتصدي للفيروس بعد تفشيه في عدد من الدول.
ومطلع الأسبوع، أبلغت منظمة الصحة العالمية وزارة الصحة السودانية بضرورة وضع تحوطها لمواجهة المرض.
وقال مصدر مطلع لـ”سودانية 24” ـ فضل حجب اسمه ـ إن السلطات ستتخذ التدابير اللازمة لمنع دخول المرض للبلاد، مشيراً إلى أن إدارة الطوارئ الصحية تعمل على تكوين لجان خاصة وكتابة نشرات توضيحية عن المرض وطرق الوقائية منه، سيتم نشرها في وسائل الإعلام خلال الأيام القليلة المقبلة.
يشار إلى أن السودان في العام 2005م ـ شهد تفشياً لمرض “جدري القرود” بولاية الوحدة ـ قبل الانفصال ـ كما سجلت دول الجوار حالات مرضية حتى العام 2016م، “أفريقيا الوسطى” مثالاً.
ويبدو أن العالم على موعد مع كابوس جديد قد لا يقل فتكاً ولا بشاعة عن جائحة كورونا، بعد أن رصدت بعض الدول انتشاراً غير عادي وغير مسبوق لمرض (جدري القرود) الذي أصبح يشكل تحدياً كبيراً لخبراء الأوبئة بعد ظهور تغييرات على سلوك الفيروس وإصابته لأشخاص في دول غير موطنه الأصلي “أفريقيا”.
وكانت السلطات الصحية في دول أوروبا وأمريكا وأستراليا وكندا، رصدت خلال الأيام الماضية عدداً من حالات الإصابة لأشخاص لم يسافروا من قبل إلى أفريقيا، حيث تم تأكيد أكثر من (80) حالة إصابة بالمرض حتى الآن، مما حدا ببعض الدول للسعي في تجميع المعلومات واتخاذ الخطوات الوقائية اللازمة وبث التوجيهات للمواطنين، حيث طالب مسؤولو الصحة في المملكة المتحدة من المخالطين للحالات عالية الخطورة أن يعزلوا أنفسهم لمدة ثلاثة أسابيع، بينما أعلنت بلجيكا الحجر الصحي لمدة ثلاثة أسابيع للأشخاص المصابين، ويأتي ذلك في وقت حذر فيه رئيس منظمة الصحة العالمية “تيدروس أدهانوم” من خطورة تفشي مرض جدري القرود في 15 دولة خارج أفريقيا.
وبحسب مختصين ينتمي جدري القرود إلى عائلة الفيروسات نفسها المسببة للإصابة بمرض الجدري المعروف، ولكنه يسبب أعراضاً أكثر اعتدالاً؛ إذ يعاني معظم المرضى من آلام الجسم والقشعريرة والتعب والحمى، بمجرد ارتفاع درجة الحرارة يظهر طفح جلدي بداية من الوجه ثم ينتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم، لكنه يكون في أغلب الأحيان في راحة اليدين وباطن القدمين.
وتقول الدراسات إن المرض ينتشر في أغلب الأحيان بالمناطق النائية من دول وسط وغرب أفريقيا بالقرب من الغابات الاستوائية المطيرة.
وينتقل المرض إلى الشخص عند مخالطة المصابين بالفيروس عبر المجرى التنفسي أو عبر العينين أو تشققات البشرة، كما ينتقل المرض من حيوان مصاب به مثل القرود والجرذان والسناجب.
وتتراوح فترة حضانة الفيروس إلى حوالي ثلاثة أسابيع يتعافى معظم الناس في غضون أسبوعين دون الحاجة إلى دخول المستشفى، لكن يقول بعض الأطباء إن جدري القرود قد يكون قاتلًا بنسبة تصل إلى واحد من كل 10 أشخاص، كما يُعتقد أنه يكون أكثر حدةً عند الأطفال والحوامل ومَن يعانون ضعف المناعة.
في عام 1958، تم اكتشاف الفيروس بالمعهد الحكومي للأمصال في كوبنهاغن، بالدانمارك، أثناء التحرِّي عن أحد الأمراض الشبيهة بالجدري في قرود للأبحاث، ومنذ ذلك الحين، طفا على السطح اسم (جدري القرود). بينما سجل عام 1970م أول إصابة بشرية معروفة لطفل يبلغ من العمر (9) سنوات يسكن في منطقة نائية من الكونغو.
بينما تعود أولى حالات الإصابة المؤكدة خارج القارة الأفريقية لخريف عام 2003م بالولايات المتحدة الأمريكية، وتبين حينها أن معظم المصابين كانوا قد خالطوا كلاباً ألفية. وقد بلغ عدد الإصابات آنذاك (81) حالة، لكن دون تسجيل أي وفيات بسبب الفيروس.
ويحذر مسؤولو الصحة في أوروبا، من أن حالات الإصابة بالفيروس قد تتسارع في الأشهر المقبلة ومع دخول فصل الصيف الذي تكثر فيه التجمعات الجماهيرية بخاصة في المهرجانات والحفلات لانتشار العدوى فيها أسرع، ويوصون بضرورة تجنّب المخالطة الجسدية الحميمة للمصابين بالمرض، مع ارتداء القفازات اليدوية عند الاعتناء بالمرضى، وضرورة المداومة على غسل اليدين، كذلك يطالبون بالحد من مخاطر انتقال الفيروس من الحيوانات الحاملة له إلى البشر، وضرورة طهي كل المنتجات الحيوانية جيداً قبل أكلها.
بالمقابل، يكذب بعض الخبراء احتمالية انتشار وشيك للفيروس، ويقولون إنه لا يشكل خطورة على الصحة العامة، باعتبار أن إصابة شخص واحد من خمسين يخالطون المصابين بجدري القرودي يؤكد ضآلة فرصة انتقال العدوى. ويقول هؤلاء إنه من الخطأ أن نعتقد أننا على حافة انتشار المرض في جميع أنحاء البلاد، مؤكدين بأن خطورته على الصحة العامة منخفضة جداً.