الخرطوم- سودانية 24
أعلنت تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم، تنظيم احتجاجات مليونية، غداً (الأربعاء)، باسم المفقودين وضحايا الاختفاء القسري، فيما حددت لجان المقاومة شارع المطار الوجهة الأخيرة التي يتجمّع فيها المتظاهرون، ويأتي ذلك في إطار تصعيد ثوري مستمر منذ الخامس والعشرين من أكتوبر العام الماضي، لتحقيق الدولة المدنية والقصاص لشهداء الثورة وإسقاط حكم العسكر.
ويصادف، اليوم (الثلاثاء)، الثلاثين من أغسطس الذكرى السنوية للاختفاء القسري، التي تعود وسط تزايد أعداد المفقودين في السودان بعد الانقلاب، فقد سجلت أقسام الشرطة ومنظمات مجتمع مدني عشرات البلاغات عن مفقودين لم يعثر عليهم بعد مشاركتهم في الاحتجاجات.
وبالتزامن، ناشدت مبادرة مفقود- منظمة حقوقية مهتمة بالاختفاء القسري- أسر المفقودين ومعارفهم بالتواصل ومدها بالتفاصيل الدقيقة وصور المفقودين لإعادة نشرها في الشوارع الرئيسة والمستشفيات والمدارس والجامعات والأسواق التجارية وأماكن التجمعات في المواكب والمليونيات، فضلاً عن مواقع التواصل الاجتماعي.
وتشير قضايا المفقودين في السودان إلى أرقام مخيفة وقصص في غاية الألم لأسر فقدت أبناءها. وحسب متابعين فإن عدد المفقودين في حرب دارفور وحدها بلغ (100) ألف، بينما سجلت حرب الجنوب قبل الانفصال (400) ألف مفقود، كذلك ووفقاً لما أوردته تقارير المنظمات الدولية فإن هناك نحو (5) آلاف مفقود من ضحايا عملية الاتجار بالبشر بين الحدود السودانية الليبية.
ووقّع السودان في فبراير من العام الماضي على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، إلا أن ناشطين حقوقيين يشيرون إلى أن هذا الملف لم يحدث فيه التحرك المطلوب من قبل الحكومة الانتقالية السابقة، وساء أكثر في ظل استيلاء العسكر على السلطة منذ (25) أكتوبر العام الماضي.
إلى ذلك، تقول الصحافية والناشطة في مبادرة حماية الحق في الحياة “ويني عمر”، إن توقيع وتصديق السودان على الاتفاقية يحمل معه عدداً من الالتزامات المطلوبة، لضمان حماية المواطنين والمواطنات من الاختفاء القسري، إذ أصبح السودان ملزماً بتقديم تقرير في فترة أقصاها سنتين، متضمناً كل الإجراءات والآليات التي تم تفعليها لحماية المواطنين والمواطنات من الاختفاء القسري، والأوضاع الراهنة والإجراءات التي سيتم تبنيها في المستقبل لضمان حماية كاملة لجميع الأفراد.
وترى “ويني”- حسب إفادة سابقة- أنه يجب على السلطات تغيير عدد من الإجراءات الجنائية التي لا تساعد في إيجاد الأشخاص المفقودين، مثل الإجراء الخاص بعدم تدخل الشرطة للبحث عن أشخاص مفقودين إلا بعد مرور (48) ساعة من بلاغ الفقدان، وتعتقد أن هذا الإجراء كارثي ويعرض حياة عدد كبير من المفقودين والمفقودات للخطر، ولاحتمال أن لا يتم إيجادهم على الإطلاق.
وتضيف إنه لا وجود لفرق شرطة خاصة بالمفقودين والبحث عنهم، مما يجعل عملية إيجادهم تتعلق بالحظ وبمجهودات الأسرة ومعارف الشخص المفقود.
وساءت لدرجة كبيرة الأوضاع بعد الانقلاب، إذ يؤكد بعض المهتمين أن الأجهزة الأمنية عادت مجدداً للممارسات السابقة المتعلقة بالاعتقال والإخفاء القسري، مستدلين بعدد من الأشخاص الذي أبلغ ذووهم عن اختفائهم، وصُممت حملات كبيرة في سبيل إيجادهم، ليتضح بعد أيام أنهم محتجزون في مقار تتبع للأجهزة الأمنية.
وترتبط بشكل وثيق قضايا المفقودين في السودان بقضية تكدس الجثامين بمشارح العاصمة، إذ يرى البعض أن تلك الجثامين قد تكون لبعض مفقودي مجزرة فض الاعتصام أو مقاومة الانقلاب، بالتالي أي تحرك منفرد أو قرار من السلطات بالدفن هو محاولة لإخفاء الأدلة.
وفي السياق، تداولت وسائل إعلام محلية توجيهاً صادراً عن النائب العام بدفن الجثامين مجهولة الهوية بمشارح الخرطوم، الأمر الذي وجد اعتراضاً كبيراً من الناشطين والجمعيات الحقوقية، ففي آخر بيان لها وصفت لجنة أطباء السودان المركزية خطوة النائب العام بالمنحى الخطير الذي يتعارض مع البروتوكولات والقوانين، وعدّتها محاولة لدفن الأدلة الدامغة التي تدين القتل الممنهج عن طريق سلاح الدولة، ووأداً للعدالة.