الخرطوم- سودانية 24
شهدت مدن وأحياء بالخرطوم والولايات، مساء اليوم (الاثنين)، مواكب دعائية وإشعال إطارات بالشوارع، في إطار التحضير لمليونية الغد التي تصادف الذكرى الأولى لقرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وتطالب بإنهاء الحكم العسكري وتحقيق الحكم المدني والقصاص لشهداء الثورة.
ومن المتوقع أن يشهد يوم غدٍ احتجاجات واسعة، استبقتها السلطات في بعض الولايات بتعليق الدراسة ومنح إجازات للموظفين، بينما أغلقت السلطات بالخرطوم عدداً من الشوارع المهمة مثل شارع “القيادة”.
يأتي ذلك، في وقت رشحت فيه أنباء عن عزم الأجهزة الأمنية إغلاق عدد من الجسور الرئيسة تحوطاً من وصول المحتجين إلى محيط القصر الجمهوري ووسط الخرطوم، بالإضافة إلى قطع الانترنت.
يشار إلى أن تنسيقيات ولاية الخرطوم كانت قد حددت القصر الجمهوري وجهة ونقطة تجمع نهائية للمحتجين، كما أعلنت عدداً من المسارات في مدن العاصمة المختلفة، التي سيبدأ التحرك منها في حدود الساعة العاشرة صباحاً.
وقبل عام، أصدر قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، قرارات أفضت إلى الاستيلاء على السلطة تحت دعاوى تصحيح مسار الثورة وإنهاء الشراكة بين المكون العسكري والحرية والتغيير، التي أودع قياداتها وقتها السجون قبل أن يتم إطلاقهم.
وبالتوازي، ظلت الشوارع السودانية منذ ذلك التاريخ تشهد احتجاجات متواصلة تنادي باستعادة مسار الانتقال الديمقراطي ومحاسبة مرتكبي الجرائم، الأمر الذي أدى إلى مقتل (119) متظاهراً وإصابة الآلاف برصاص ومقذوفات الأجهزة الأمنية- حسب منظمة حقوقية- كما سجلت مخافر الشرطة عدداً من المفقودين الذين اختفوا أثناء أو قبل مشاركتهم في الاحتجاجات المناهضة للسلطة.
“البرهان” الذي خرج في بيان قبل عام، برر خطوته باعتبارها محاولة للحد من انزلاق البلاد في الفوضى، ووعد بتشكيل حكومة وهياكل للسلطة بعد أسبوع واحد، وهو الأمر الذي لم يتم إلى اللحظة، لكنه بعد نحو شهر وقع اتفاقاً جديداً مع رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك الذي أعيد وقتها إلى منصبه، قبل أن يغادره مجدداً بتقديم استقالة مسببة.
يذكر، أن احتجاجات الغد تأتي عقب أنباء ومعلومات متواترة بقرب اتفاق وشيك بين قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” والمكون العسكري، بالإضافة إلى أطراف اتفاق جوبا وأحزاب أخرى على أساس الوثيقة المقدمة من اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين.
وفي سياق متصل، طالب الاتحاد الأوروبي ودول غربية، قوات الأمن بالامتناع عن استخدام العنف ضد المتظاهرين، والوفاء بالتزامها في حماية حرية التعبير والتجمع السلمي بجميع أنحاء البلاد، فيما أدانت مقتل متظاهر في احتجاجات أمس (الأحد)، بحي الصحافة جنوب الخرطوم.
وأكد الاتحاد الأوروبي وكل من دول كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، هولندا، النرويج، كوريا الجنوبية، إسبانيا، السويد، سويسرا، المملكة المتحدة والولايات المتحدة، دعمهم المستمر والموحد لاتفاق شامل لإنشاء حكومة انتقالية بقيادة مدنية في السودان، تعيد الانتقال الديمقراطي في البلاد، مؤكدين وجود حاجة ماسة إلى مثل هذا الاتفاق لمنع المزيد من التدهور في الوضع الاقتصادي والإنساني.
وجدد الاتحاد الأوروبي والدول الغربية في بيان مشترك، اليوم (الاثنين)، الالتزام بمساعدة الشعب السوداني على تحقيق أهداف ثورته، مشيرين إلى أن مبادرة نقابة المحامين تمثل إطاراً ذا مصداقية وشمولية لقيادة المفاوضات بعد أن حظيت بدعم أوسع من أية مبادرة حتى الآن، فضلاً عن أنها لا تزال مفتوحة للأطراف الأخرى لإجراء تعديلات لمعالجة مخاوفهم الملحة.
وحث البيان جميع الأطراف السودانية على إعطاء الأولوية للمصلحة القومية فوق الحسابات السياسية الضيقة، من أجل الانخراط بشكل بناء في الحوار، وأضاف: “نتذكر المدنيين الذين ضحوا بأرواحهم مطالبين بانتقال ديمقراطي وما زلنا نستلهم من أولئك الذين يواصلون المطالبة بالتغيير سلمياً”.
ومن جانبها، قالت وزيرة شؤون أفريقيا في بريطانيا “جيليان كيغان” إن السودان بحاجة إلى استعادة حكومة بقيادة مدنية بعد مرور عام على الانقلاب العسكري، مضيفة: “هذا هو السبيل الوحيد للمضي قدماً، وأنا أرحب بالتقدم المشجع في الأسابيع الأخيرة نحو ذلك”.
وتابعت في تغريدة على “تويتر”: “من الضروري أن تحترم سلطات الأمر الواقع الحق في الاحتجاج السلمي دون خوف من العنف”.
وفي السياق، حذّرت الآلية الثلاثية، قوات الأمن من استخدام العنف ضد المتظاهرين، وحثتها على ممارسة أقصى درجات الانضباط وحماية حقوق المتظاهرين في حرية التعبير والتنظيم والتجمع السلمي.
وقالت الآلية في بيان: “أيّ عمل عنف مرفوض، ومن شأنه تقويض الجهود الرامية نحو التوصل إلى حل للأزمة السياسية في السودان”، وأهابت بالجميع إلى تفادي أي أعمال استفزازية.
وأعربت عن حزنها العميق وأسفها الشديد لمقتل المتظاهر الشاب “عيسى عمر الباهي”، أمس، بالخرطوم، ودعت السلطات إلى القيام بتحقيق ذي مصداقية لضمان محاسبة الجناة. وأبانت أن قتل “عيسى” مقرون بأحداث العنف المأساوية في كل من النيل الأزرق وغرب كردفان، التي حصدت حسب التقارير أكثر من مائتي روح، يشير بوضوح إلى ضرورة التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة الراهنة بالبلاد، وتشكيل حكومة مدنية شرعية، واستعادة الأمن والنظام الدستوري الذي يضمن حماية المدنيين ويحقق العدالة للضحايا وأسرهم.