الخرطوم- سودانية 24
أبدى رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن “عبد الفتاح البرهان”، استعداده لتحمّل المسؤولية القانونية كاملة في حال كان هو من أصدر تعليمات بملاحقة المتظاهرين وقتلهم.
وعبر “البرهان” عن حزنه وأسفه لسقوط قتلى في الاحتجاجات، وقال خلال حوار في التلفزيون القومي، مساء أمس (السبت)، إنه ليس لديه ما يخشاه، ومستعد لتقديم نفسه حال ثبت إصداره تعليمات، أو يعلم من قام بقتل المتظاهرين وحمل السلاح. وأضاف: “مستعد لتقديم نفسي متى ما ثبت توجيهي باستخدام السلاح”.
وتابع: “أي انتهاك من جانب قوات الأمن سيخضع للتحقيق”، وأشار في ذات الوقت إلى أن هناك شكوكاً حول جهات تقتل المتظاهرين وتتكسب من الموت، لكنه عاد وقال إن الأجهزة الأمنية مسؤولة عن معرفة الأشخاص الذين يقتلون المتظاهرين.
وأكد “البرهان” أن هناك مقبوضاً عليهم من الشرطة ويجري التحقيق معهم، وستتم محاسبة كل من يثبت تورطه.
وفي سياق مقارب، أوضح “البرهان” أن التحقيق في فضّ الاعتصام مستمر، وقال إنه مستعد لتقديم نفسه قرباناً من أجل الجميع، وشدد على حاجة السودانيين للعدالة الانتقالية، وأبان أنهم مستعدون للتحاور مع الشباب الذين يخرجون إلى الشوارع، وأن أياديهم ممدودة إليهم، مبيناً تواصلهم مع الكثيرين منهم في بحري والخرطوم وإبرام اتفاقات.
وفي الأثناء، أشار رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش، إلى اتفاقه مع الطرح الذي تقدمه لجان المقاومة بأن المؤسسة العسكرية يجب أن تكون خارج الحكم، وقال إنه حال إجراء انتخابات أو وجود توافق وطني فإن الجيش سيترك الساحة السياسية، مؤكداً التزام المكون عسكري بأن تُجرى الانتخابات في موعدها متى تهيأت البيئة المناسبة لذلك، لكنه ألمح إلى احتمالية إجراء انتخابات رئاسية قبل الموعد المحدد لها.
وقال “البرهان” إنه لا يريد أن يحكم ولا يريد للجيش أن يحكم، موضحاً أن السودان منذ الاستقلال ظل يدور في حلقة حكم مفرغة بين المدنيين والجيش، وجدّد رفضه لتوصيف ما قام به في الخامس والعشرين من أكتوبر بالانقلاب، قائلاً إن ما تم خطوة تصحيحية جنّبت البلاد مخاطر أمنية.
يشار، إلى أن البلاد تشهد منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي احتجاجات مستمرة على خلفية انقلاب المكون العسكري، والقمع المفرط الذي استخدمته السلطات في مقابلة المحتجين ما أدى إلى مقتل (79) شخصاً وإصابة أكثر من ألف متظاهر.
وعن آفاق حل الأزمة السياسية، قال “البرهان” إن الحوار المستقبلي لابد أن يشمل كل القوى السياسية باستثناء حزب المؤتمر الوطني الذي كان يتزعمه “البشير”، مشيراً إلى أن الوثيقة الدستورية الانتقالية بها مشاكل لأنها تستبعد بعض القوى السياسية.
وأوضح أنه لن يختلف مع القوى المدنية إذا توافقت فيما بينها، لافتاً في نفس الوقت إلى أنه “ليس من حق أحد بحث إصلاح الجيش إذا لم تكن لديه حكومة منتخبة”.
“البرهان” قال أيضاً في حواره التلفزيوني، إنه لم يتراجع عن فكرة “تفكيك نظام البشير”، لكن لجنة إزالة التمكين انحرفت عن مسارها ما استوجب تشكيل هيئة لمراجعة أعمالها، وأردف: “حتى الآن لم أتدخل في عمل لجنة مراجعة أعمال لجنة إزالة التمكين ولا أية جهة أخرى”، وأوضح: “توقيف بعض قيادات لجنة إزالة التمكين المجمدة تم وفق بلاغات جنائية تتعلق باشتباه خيانة الأمانة، وهو عمل قضائي نحترمه ولا نتدخل فيه”.
وجزم “البرهان” بأن المؤسسة العسكرية على قلب رجل واحد وتدعم التحول الديمقراطي، لافتاً إلى أن قوات الدعم السريع لديها قانون معترف به من القوى السياسية التي تعمل على الوقيعة بينها والجيش. وقطع بأن دمج القوات كافة في جيش واحد يحتاج إلى إجراءات وتوافق سياسي، والحكومة المنتخبة هي من ستقرر ما تفعله بشأن القوات الأمنية.
وعن المبادرة الأممية التي يقدمها المبعوث الأممي “فولكر بيرتس”، علق “البرهان” قائلاً: “ركز المبعوث الأممي على العمل السياسي الداخلي، في حين أن مهمته تقديم مساعدات وتسهيل عمل القوى الوطنية لتقديم مبادرة، فهو وسيط وليس من حقه إصدار مبادرة”.
وفي سياق ذي صلة، قال “البرهان” إن الإدارة الأمريكية والكونغرس كان لديهما فهم خاطئ عن ما يجري في السودان، فبعض المشرعين كانوا يعتقدون أن الحكومة التي تم حلها منتخبة، وأوضحنا لهم أنها جاءت باتفاق سياسي، منوهاً بأن العقوبات والتلويح بها من جانب الكونغرس الأمريكي ليست ذات جدوى.
أما عن الزيارة الأخيرة والمتبادلة بين المسؤولين في السودان وإسرائيل، فقال إنها ذات طابع أمني استخباراتي وليس سياسياً، وقال إن السودان ليس في حالة عداء مع إسرائيل وإنهم يتواصلون معها من أجل المصلحة العليا في تأمين البلاد والإقليم.
وتابع: “ليست لدينا سرية في ذلك، فلم يزرنا مسؤول إسرائيلي كبير حتى نعلنه، وكل الوفود من الأجهزة الأمنية لتبادل المعلومات التي مكّنت من ضبط جماعات إرهابية كانت ستهدد الأمن بالسودان والمنطقة”.