كشف باحث بكلية العلوم التابعة لجامعة ابن زهر قبل أيام، في دراسة علمية حديثة، أن أفريقيا تعد موطن ثاني أكبر تجمع نيزكي بعد القارة القطبية الجنوبية، حيث يمثل عدد النيازك الملتقطة في أفريقيا أكثر من سُدس مجموع عدد النيازك في العالم بأسره.
كما كشفت الدراسة أن 93% من النيازك المكتشفة في عدد من الدول الأفريقية تسمى نيازك شمال غرب أفريقيا (Northwest Africa)، وفقا لـ (Meteoritical Society) وهي منظمة أميركية غير حكومية تقوم بتسمية وتصنيف النيازك، نظرا لصعوبة توفر النيازك من شمال غرب أفريقيا على معلومات كافية عن موقع اكتشافها.
أول دراسة عن النيازك الأفريقية
الدراسة تمت بكلية العلوم التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير بالمغرب، ونوقشت يوم السبت 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهي أول أطروحة جامعية عن النيازك في أفريقيا أعدها الباحث لحسن أكنين بإشراف من البروفيسورين عبد الرحمن إبهي وفؤاد خيري.
قال أوكنين للجزيرة.نت “هذه النيازك لم تحظ بالدراسة الكافية على غرار باقي المجموعات النيزكية” لذلك تعد هذه الدراسة الأولى من نوعها كبادرة للتعرف على الظروف المواتية لحفظ وتراكم النيازك في هذه القارة، سواء تعلق الأمر بالأحجار النيزكية الساقطة التي تم جمعها بعد مراقبة سقوطها أو تلك التي تم اكتشافها صدفة أو عن طرق البحث بعد وقت طويل من سقوطها.
ويضيف “للأسف الشديد تم تصنيف غالبية النيازك المكتشفة بأفريقيا تحت اسم نيزك غرب شمال أفريقيا (Northwest Africa) متبوعة برقم، وتشكل هذه التسمية استثناء للقاعدة التي تقول إن النيازك تحمل أسماء الأماكن التي وجدت فيها، مما يثير تساؤلات حول مصير هذ الموروث الجيولوجي النادر الخاص ببلدان شمال غرب هذه القارة.
ووفق الدراسة وجد الباحث أن من بين 83 نيزكا من نوع ميزوسيديريت (Mesosiderite) النادر، المكتشفة في المغرب، تمثل 90% من العينات التي تم جمعها في أفريقيا وتقريبا 45% من العينات المكتشفة على مستوى العالم، هناك عينتان فقط من هذه الصخور السماوية سميت بأسماء أماكن اكتشافها.
ويتعلق الأمر بنيزك توفاسور (Toufassour) (بلدة توجد شرقي مدينة طاطا جنوب المغرب) ونيزك تالسينت (Talsint) (بلدة توجد شمال شرق المغرب). وقد سميت العينات الأخرى (81) باسم نيزك غرب شمال أفريقيا (NWA).
نيازك نادرة
تم جمع النيازك المسماة (Northwest Africa) بشكل رئيسي شمال غرب أفريقيا في المغرب والجزائر وموريتانيا ومالي، وتحتوي هذه النيازك على عينات نادرة جدا ذات قيمة علمية كبيرة يطمح إليها مقتفو أثر النيازك وجامعوها.
وتتضمن هذه المجموعة على سبيل المثال نيزك (NWA 7325) وهو الوحيد الذي نشأ من كوكب عطارد وقد اكتشف جنوب المغرب، وهو معروض الآن في متحف النيازك (Meteorite) بجامعة ييل الأميركية، كما يوجد أيضًا نيزك (NWA 7034) وهو من المريخ ومهم علميا لأنه غني بالمياه.
يعود أكنين فيقول “لسوء الحظ بعد اعتماد اسم (النيازك NWA) عام 2000 من قبل جمعية (Meteoritical Society) لتسمية وتصنيف النيازك، تم تصنيف أغلب النيازك المكتشفة تقريبا (92%
ويرى أن نقص المعلومات التي لاحظتها لجنة التسميات حول هذه النيازك يمكن تفسيره بصرامة التدابير القانونية والتنظيمية الملزمة (خاصة الجزائر) ثم الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تميز بعض البلدان الافريقية، ناهيك عن الاضطرابات الأمنية التي سادت شمال غرب القارة (حزام الساحل) خلال العقد الماضي.
نتائج مهمة
وحول نتائج الدراسة، أبرز الباحث أن عدد النيازك المكتشفة في أفريقيا غير مرتبط بالكثافة السكانية أو توزيعها، ولكنه يتعلق بوجود فئة سكانية متحمسة وذات خبرات نظرية وميدانية تمكنها من التفريق بين النيازك والصخور الأرضية، ويضيف “هذه القارة تتوفر على جميع الأصناف النيزكية المعروفة حتى الآن مع نسب عالية من النيازك النادرة”.
وقال أكنين “قمنا بدراسة ظروف اكتشاف النيازك المسماة (NWA (5678، وأظهرت نتائج الدراسة أن معظمها تم اكتشافه بالمغرب، وأن 23% فقط من النيازك التي تم اكتشافها تفتقر إلى المعلومات حول بلدها الأصلي.
وإضافة إلى ذلك، أنشأ أكنين قاعدة بيانات نيزكية جديدة تسمى (NWA) وقام بتطويرها كنظام معلوماتي لاتخاذ قرار، ويتكون هذا النظام من قاعدة بيانات تحليلية عبارة عن مرجع خاص بالنيازك الأفريقية، بمساعدة البروفيسور مصطفى مشكور رئيس مختبر هندسة منظومة الإعلام بنفس الكلية.
وحول أهمية الدراسة، صرح البروفيسور عبد الرحمن أبهي أحد المشرفين على الأطروحة من كلية العلوم بجامعة ابن زهر بأكادير جنوب المغرب، للجزيرة نت عبر الهاتف، بأن “الباحث أكنين استطاع الإجابة عن الفرضيات التي وضعناها”.
وأضاف أبهي أن اللجنة التي ناقشت الأطروحة نوهت بمجهوده وطلبت منه إخراجها على شكل كتاب بالإنجليزية والفرنسية، ليكون بذلك أول مصدر حول النيازك الأفريقية لأنها تشكل نسبة 16% من النيازك العالمية ولم تتم دراستها من قبل.
وينهي أبهي حديثه للجزيرة نت عبر الهاتف قائلا “نريد من هذا العمل إثارة اهتمام مختلف الشرائح المجتمعية الأفريقية حول علم الفلك عامة وعلم النيازك خاصة، لأنه ليس هناك من اهتم بالنيازك الأفريقية من قبل”.