الخرطوم- سودانية 24
فعاليات وأجواء ثورية لا تخلو من الحذر، تشهدها الاعتصامات المقامة بمدينة الخرطوم التي تنظمها تنسيقيات لجان المقاومة في إطار التصعيد الثوري المفتوح منذ (الخميس) الماضي، الداعي إلى إسقاط الانقلاب وتأسيس الحكم المدني والقصاص لشهداء الثورة.
وكان قد أعلن متظاهرون، (الجمعة)، تنفيذ اعتصام أمام مستشفى “الجودة” احتجاجاً على القمع المفرط الذي صاحب مليونية الثلاثين من يونيو، وأدى إلى مقتل (9) من المتظاهرين وأكثر من (600) مصاب.. وبالتوالي نفذت تنسيقيات مقاومة أحياء مدينة أم درمان، مساء (السبت)، اعتصاماً آخر في صينية الأزهري وشارع الشهيد عبد العظيم “الأربعين سابقاً”، كما نفذت بحري اعتصاماً بمحطة المؤسسة، ليتم بعد ذلك تباعاً إعلان اعتصامات وإغلاق شوارع في عدد من أحياء العاصمة.
ويحتشد آلاف من المحتجين باعتصام “الجودة” في الديوم الشرقية، بعد أن قاموا بإغلاق شارع “الصحافة زلط” من محطة “حجازي” جنوباً وحتى محطة “الغالي” شمالاً، ورفع بعضهم لافتات تتبع للجان المقاومة بالأحياء والكتل الثورية مثل “غاضبون بلا حدود”.
وحسب متابعات (سودانية 24)، كونت تنسيقيات لجان المقاومة في اجتماع مشترك مع مجموعة “غاضبون بلا حدود” لجنة تنظيمية للاعتصام، تكونت من عدد من المكاتب (التنظيم، التأمين، الرصد والمتابعة، الإعلام، التنسيق والاتصال)، على أن تنتهي مهام هذه اللجنة بنهاية الاعتصام.
وتنوعت فعاليات اعتصام “الجودة” بين الهتافات والاحتفالات الحماسية، والمخاطبات المتعلقة بالأوضاع السياسية وإعادة ترتيب الانتقال الانتقالي الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة، كما نشط بعضهم في توفير الخدمات للمعتصمين- المياه والطعام والتأمين- وكانت لافتة حملات النظافة المستمرة التي غالباً ما تتبعها هتافات حملت أحلامهم في التغيير وشكل الوطن القادم. ولعل ذات المشهد انسحب على الاعتصامات الأخرى المضروبة في مدن العاصمة الثلاث.
ويرى متابعون أن الاعتصامات ستكون أداة ضغط جديدة على السلطة القائمة وستتسبب في تعطيل وشلل دولاب العمل في الدولة، كما أنها ستكون بمثابة الدعاية الجيدة للمواطنين باعتبار أنها قائمة في مناطق حيوية وسط أحياء ذات كثافة سكانية كبيرة ومؤثرة، أيضاً يشير بعضهم إلى أن الاعتصامات ستكون مساحات جيدة لتنسيق عمل المقاومة.
يقول الصحافي “علي الدالي” إن الاعتصامات تنوع في أدوات الفعل المقاوم والنضال السلمي، وستقلل الخسائر وستكون مربكة لحسابات الأجهزة، وقد تبقى فعلاً مؤثراً يمتد لأيام وأسابيع وربما لشهور، ثم يمتد أثرها على النظام القائم الذي سيدخل في وضع الاستعداد التام، بالتالي سيرهق خزينته بالصرف.
بالمقابل، يتخوف البعض من إقدام السلطات على فض هذه الاعتصامات ووقوع المزيد من الخسائر.. وصبيحة اليوم (الأحد) تداول ناشطون أنباء عن تحركات لقوات شرطية شمال اعتصام “الجودة” لكنها سرعان ما انسحبت، واكتُشف لاحقاً أنها قوة عسكرية تتبع لقسم شرطة قريب بالمكان.
تتمثل نقاط قوة الاعتصامات أنها تقلل خسائر المواجهة المباشرة اليومية في المواكب، كما أنها تجذب المزيد من شرائح المجتمع خاصة تلك التي كانت لا تستطيع المشاركة في المواكب بسبب تحركها في مسارات طويلة وقمعها المفرط، بالإضافة إلى أنها تخلق مساحة نقاش عميق بين القوى الثورية المختلفة سواء كانت سياسية أو نقابية أو لجان مقاومة، وصولاً إلى ميثاق سياسي أو مركز موحد.. بالمقابل تتمثل نقاط الضعف في توفير الدعم اللازم لاحتياجات الاعتصام (الطعام والشراب)، فضلاً عن طبيعة المكان الذي يتوسط أحياء سكنية قد تتأثر به، وقد يكون ذلك ما دفع المتحدث باسم لجان المقاومة هيثم علي، إلى إرسال رسالة للثوار في اعتصام “الجودة” قائلاً: “الديم منطقة سكنية نحن جينا للناس ديل وقعدنا وسط بيوتهم وأسرهم، استضافونا بروحهم الثورية العالية وبكرمهم السوداني الأصيل، نحن ضيوف خفيفين ما نثقل عليهم، ننضبط في سلوكنا ونبادلهم الاحترام والمحبة ونراعي للناس الكبار ونحترم الصغار، ونراعي إنه هنا في أسر وبيوت فيها أخواتنا وأمهاتنا والناس الكبار”، وأضاف: “دي فرصة نعكس ليهم أخلاق الثورة”.
يشار إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي في السودان تشهد حملة نشطة للدعوة إلى الاعتصام تحت وسم “مدن السودان تعتصم”، ومؤخراً انخرطت مقاومة لجان مدينة مدني في هذا السياق، إذ أعلنت قبل ساعات اعتصاماً جزئياً من أمام برج العمال يوم (الثلاثاء) المقبل، داعية سكان الولاية إلى الدعم والمساندة.