الخرطوم- سودانية 24
“لقد اخترت الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان، ليس سهلاً ربما أن أغيَّر الواقع، لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم”، هكذا كانت ترى الشهيدة “شيرين ابو عاقلة” الواقع في الأراضي المحتلة وتسعى لإيصال صوت القضية الفلسطينية للعالم، لكن على ما يبدو أن ذلك الصوت الحر قد أزعج الطغاة فقرروا اسكاته بطلقة غادرة صباح اليوم الأربعاء، حيث صوبت قوات الجيش الإسرائيلي بحسب بيان شبكة الجزيرة الإعلامية الرصاص عليها مما أدى إلى وفاتها متأثرة بإصابات خطيرة تعرضت لها في منطقة الرأس خلال تغطيتها اقتحام قوات الاحتلال لمخيم جنين.
وتروي الصحفية “شذى حنايشة” ـ مراسلة الترا فلسطين ـ التي كانت متواجدة مع الصحفية شيرين ابو عاقلة أثناء استهدافها، عن تعرض فريق الصحفيين المتواجد في المكان لوابل من الرصاص لم يتوقف حتى بعد سقوط شيرين أرضاً إلى حد تعذر معه لبعض الوقت نقلها لتلقي العلاج”. وأضافت بأنهم “كانوا في منطقة واضحة للجنود وجميع الزملاء كانوا يرتدون الزي الصحفي”.
وتقول السيرة الذاتية لـ”شيرين” إنها مراسلة وصحفية فلسطينية الجنسية، كانت تعمل مع قناة الجزيرة الفضائية، من مواليد مدينة القدس عام 1971م، واستشهدت صباح اليوم في مدينة جنين بفلسطين المحتلة، تخرجت من مدرسة راهبات الوردية ببيت حنينا في القدس المحتلة، ويرجع أصلها إلى مدينة بيت لحم. في بداية دراستها العليا التحقت جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن بتخصص الهندسة المعمارية، وبعده انتقلت لدراسة الصحافة المكتوبة، ونالت درجة البكلاريوس من جامعة اليرموك في الأردن، وبعد التخرج عادت إلى فلسطين، وعملت في العديد من الوكالات الإعلامية من أهمها قناة الجزيرة، فقد بدأت العمل معها في عام 1997 حتى استشهادها برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في مايو 2022م.
وخلّف خبر استشهاد الصحفية، “شيرين ابو عاقلة” صدىً واسعاً في الأوساط العالمية والإقليمية، كما عم الغضب الشارع العربي والفلسطيني الذي اعتبر أن مقتلها محاولة لاسكات صوت الصحافة ووأد القضية الفلسطينية، وعلى مستوى الشارع السوداني، أيضاً وجد خبر استشهادها استنكاراً شديداً من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، كما أدان الصحفيون عبر لجنتهم التمهيدية للنقابة، اغتيال مراسلة قناة الجزيرة أثناء تغطيتها لاجتياح مخيم جنين، وأشارت اللجنة عبر بيان، إلى أن قتل “شيرين” فتح جروحاً جديدة لعمليات استهداف الصحفيين أثناء عملهم، ودعت اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين السودانيين المنظمات كافة للضغط على الجهات التي تستهدف الصحفيين وهم يقومون بعملهم للتوقف عن هذه الأعمال.
ويرى الصحفي ماجد محمد علي، أن اغتيال الصحفية شرين أبو عاقلة برصاصة في الرأس، من قبل الجيش الإسرائيلي أثناء أداء واجبها في جنين، جريمة تكشف الطبيعة التي لن تتغير لدولة الاحتلال وجيشها، وعن توجه لتصفية القضية الفلسطينية تماماً، عبر عزلها وعزل نضالات شعبها ومنع وصولها العالم. ويعتقد “محمد علي” أن تغطية قناة الجزيرة والتزامها هي ومراسليها الصارم بالحق الفلسطيني كان آخر ما تبقى لأصحاب الأرض المحتلة، بعد أن غاب عنهم حتى التضامن وبياناته.
بينما يصف الصحفي ووزير الإعلام السوداني السابق فيصل محمد صالح، الراحلة بشهيدة الوطن والحق والمهنة، وقال حسب تغريدة له في مواقع التواصل الاجتماعي، “ارتبط اسم شيرين ابو عاقلة بمعانٍ كثيرة، يلخصها الالتزام الصارم بقضية وطنها وشعبها ومهنتها، ظلت تلاحق الأحداث ليلاً ونهاراً بلا كلل أو ملل، تدافع عن نضال شعبها وعن حق وطنها، سلاحها الوحيد الكاميرا والقلم”. وأضاف: “شيرين قدمت الفداء العظيم، نفسها وروحها وجسدها، ما أعظمه من فداء ومن ثم ستخلد في ذاكرة العالم وفي ضميره الحي مثلما هي خالدة في ذاكرة شعبها ووطنها الفلسطيني وعنوان لنضال لا يتوقف”.
تأتي حادثة اغتيال المراسلة الصحفية “ابو عاقلة” عقب أيام ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي كشفت فيه تقارير المنظمات العاملة في رصد الانتهاكات التي يتعرض لها العاملون في المهنة أن عدد الصحفيين الذين قتلوا عام 2021م بلغ عددهم (46) قتيلاً، كما رصدت التقارير مقتل (6) صحفيين أجانب في أوكرانيا منذ إطلاق روسيا هجومها العسكري أواخر فبراير الماضي.