بيان صحفي
استبقت بعثة تقصي الحقائق بشأن السودان، التي شكلها مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر 2023، دورة المجلس الجديدة التي تبدأ في 10 سبتمبر الجاري، بنشر تقريرها الذي ستقدمه خلال هذه الدورة، وعقد مؤتمر صحفي حوله، قبل أن يستمع له المجلس، الذي أنشأها ابتداءً، وتستمد منه تفويضها. يجسد هذا المسلك افتقاد اللجنة للمهنية والاستقلالية ويؤكد أنها هيئة سياسية لا قانونية، مما يعضد موقف حكومة السودان منها منذ تشكيلها الذي لم تؤيده أي من الدول الأفريقية أو العربية. كما أن التوصيات التي قدمتها البعثة تتجاوز حدود تفويضها، وتتماهى مع تحركات يشهدها مجلس الأمن من قوى دولية معروفة ظلت تتصدر المواقف العدائية ضد السودان. يهدف لجوء البعثة للعمل الدعائي قبل بدء مداولات مجلس حقوق الإنسان للتأثير على مواقف الدول الأعضاء لتحقيق أهداف سياسية بعينها ولتمديد عمل البعثة. تناول التقرير ما ترتكبه مليشيا الدعم السريع من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم العنف الجنسي والاستعباد وتجنيد الأطفال واستهداف المدنيين على أسس عرقية. وزعم ان النزاع امتد إلى 14 ولاية من أصل 18. ومع ذلك دعا لحظر سلاح يشمل القوات المسلحة السودانية التي تتصدى لهذه المليشيا، وتدافع عن المواطنين في وجه تلك الجرائم، مع مطالبته بتشكيل قوة دولية لحماية المدنيين. وهذا تناقض غريب: التوصية بحظر السلاح عن الجيش الوطني الذي يضطلع بدوره الدستوري والأخلاقي في حماية البلاد وشعبها، في اتساق مع القانون الدولي، وتوكل مهمة حماية المدنيين لقوة دولية لا يعرف متى ستشكل، وهل ستكون كافية لتغطي 14 ولاية، وهل سيشملها حظر السلاح الذي تدعو له البعثة في تجاوز واضح لتفويضها وصلاحيتها. وهذه الدعوة لا تعدو أن تكون أمنية لأعداء السودان ولن تتحقق. لقد ظلت حماية المدنيين أولوية قصوى لحكومة السودان. ولهذا وقعت إعلان جدة في 11 مايو 2023 وتقدمت بمقترحات عملية لإقامة آلية مراقبة تضمن تنفيذه. لكن الأطراف الدولية المعنية تجاهلت ذلك وظلت تتساهل مع استهداف المليشيا الممنهج للمدنيين والمؤسسات المدنية. ويبقى إعلان جدة هو الإطار العملي الملائم لحماية المدنيين. والتزاما بمحاربة الإفلات من العقاب، شكلت حكومة السودان اللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم وانتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي الإنساني، كهيئة مستقلة. وقد قطعت اللجنة الوطنيه شوطاً في أداء مهامها وقدمت تقريرين للمجلس وستقدم تقريرها المرحلي في الاجتماع المرتقب. وفي ظل وجود مسار قضائي وطني جار فإن الدور الطبيعي لمجلس حقوق الإنسان هو دعم المسار الوطني إعمالا لمبدأ التكاملية وليس السعي لفرض آلية خارجية بديلة. لكل ما سبق ترفض حكومة السودان توصيات بعثة تقصي الحقائق جملة وتفصيلا، وتجدد موقفها المعلن من البعثة والتعاون معها. السبت 7 سبتمبر 2024