الخرطوم- سودانية 24
دعا المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، السلطات السودانية إلى توجيه تعليمات صريحة لقوات الأمن باحترام حقوق الإنسان والمعايير الدولية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية في مواجهة المحتجين السلميين.
وقال “تورك” في كلمته التي ألقاها أمام مجلس الأمن في دورته (52) بـ(جنيف)، أمس (الجمعة)، إن على الدولة الالتزام بضمان الاحترام الكامل لحق جميع السودانيين في التجمّع السلمي والاحتجاج.
وأشار إلى مقتل المتظاهر “إبراهيم مجذوب” الذي يبلغ من العمر (17) عاماً، (الثلاثاء) الماضي، برصاص ضابط شرطة في منطقة شرق النيل بالخرطوم. وأكد أنه وفقاً لمصادر طبية، يصل بذلك عدد الأشخاص الذين لقوا مصرعهم منذ بدء التظاهرات قبل 16 شهراً إلى (125)، يمثل الأطفال تحت (18) عاماً نحو (20%) منهم.
وأبان أن أكثر من (9) آلاف شخص أصيبوا بجراح، نجمت عن الكثير منها آثار دائمة، بسبب الرصاص الحي والعيارات المطاطية وعبوات الغاز المسيل للدموع، وغير ذلك من أسلحة أطلقتها قوات الأمن بشكل تعسفي.
وقال “تورك” إن الإفلات من العقاب ما زال يعد مسألة خطيرة، ورحب بتحقيق بعض التقدم من قبل اللجنة القضائية التي شُكلت للتحقيق في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وغير ذلك من إجراءات منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الأول عام 2021، وأشار إلى تشكيل عدد كبير من اللجان القضائية الأخرى للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان.
وشدّد على ضرورة إكمال عمل هذه اللجان والإعلان عن نتائجها، وقال إن التدابير الجادة للمساءلة والعدالة الانتقالية تعد أولوية لدى الضحايا، وشرطاً مسبقا للاستقرار والتحول الديمقراطي. وطالب بمحاسبة جميع المسؤولين عن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان، وفقاً للإجراءات القانونية وبدون تأخير غير مبرر. كما دعا إلى ضرورة مراجعة تشريعات الطوارئ وأن تتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتطرق المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى اتفاقية جوبا للسلام، مبيناً أن تأخير تنفيذها والخطة الوطنية لحماية المدنيين، أثر على ملايين النازحين الذين يأملون العودة إلى منازلهم وقراهم التي غابوا عنها لما يقرب من (٢٠) عاماً.
إلى ذلك، رحب بالتوقيع الذي حدث مؤخراً على مصفوفة جديدة لتنفيذ اتفاقية جوبا للسلام.
وفي سياق آخر، أبدى قلقه مما وصفه بالتراجع عن المكاسب المهمة التي حققتها المرأة في ظل الحكومة الانتقالية، وحث السلطات على الالتزام بضمان حقوقها بالكامل، بما في ذلك عدم التسامح مطلقاً مع العنف الجنسي وجميع أشكال التمييز.
وحول الأوضاع المعيشية في السودان، قال “تورك”: “يتعرّض السكان لضغوط هائلة نتيجة زيادة الضرائب والرسوم، بما في ذلك الرسوم المدرسية، مع زيادات طفيفة في الأجور”.
وأضاف: “من الواضح أن هذا جزء من التحديات الخاصة التي تواجهها البلاد، ليس أقلها بسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي، لكن أيضاً بسبب تداعيات جائحة كورونا والعواقب العالمية لما نشهده في أوروبا اليوم”.
وأوضح أن توقيع الإطاري خطوة أولى مهمة نحو استعادة الحكم المدني والانتقال إلى الديمقراطية، كاشفاً عن تلقيه تعهدات خلال زيارته الأخيرة إلى الخرطوم، من سلطة الأمر الواقع بوقف الاستخدام المفرط للقوة ضد المشاركين في التظاهرات.
وأشار مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى أن الحكومة الجديدة، المتوقع تشكيلها بقيادة مدنية، ستحتاج إلى دعم مستمر لمواجهة التحديات الهائلة التي ستقابلها، معلناً تضامنه مع الشعب السوداني وآماله ومطالبه من أجل التغيير الحقيقي والسلام والديمقراطية والعدالة.