الخرطوم- سودانية 24
كشفت مسودة الاتفاق السياسي النهائي عن دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني عبر أربع مراحل مفصلة، بينما ستقوم ورشة الإصلاح الأمني والعسكري بوضع مواقيتها الزمنية بصورة دقيقة.
وفي وقت سابق، كان المتحدث باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف “سلك” قد قال إنهم خاضوا حوارات شفافة مع القوات المسلحة وقيادة الدعم السريع، تلخصت في ورقة “أسس ومبادئ الإصلاح الأمني والعسكري” التي اعتُمدت كأسس في الاتفاق السياسي، على أن تضاف إليها توصيات الورشة المنعقدة بهذا الخصوص في الخرطوم.
وفُصّلت مراحل دمج قوات الدعم السريع على: “مرحلة أولى متعلقة بتوحيد هيئة القيادة، مرحلة ثانية توحيد هيئة الأركان، وثالثة توحيد قيادة المناطق، وأخيرة توحيد قيادة الفرق”، وتتزامن هذه المراحل مع جداول مفصلة للإصلاحات اللازمة والآنية.
وحددت مسودة الاتفاق، التي تحصلت “سودانية 24” على نسخة منها، عدداً من المتطلبات اللازمة لعملية الإصلاح والدمج وتحديث الجيش السوداني، وهي الدعم الفني في مرحلة التفاوض والتخطيط، والدعم السياسي لخطة الإصلاح والدعم المالي واللوجستي لتنفيذ عمليات التحديث والدمج، بالإضافة إلى تطوير حزم تدريب وتعاون ودعم القوات المسلحة.
بالمقابل، شددت المسودة على ضرورة مراجعة شروط القبول للكلية الحربية ومراجعة المناهج العسكرية، بما يتماشى مع متطلبات العدالة والمواطنة المتساوية والعقيدة العسكرية والديمقراطية.
وتصاعدت خلال الأسابيع الماضية حدة الخلافات بين قيادة الدعم السريع وقيادة الجيش السوداني، حول قضية الدمج والموقف من العملية السياسية لدرجة قاربت المواجهة المسلحة بين الطرفين، قبل أن يتدخل الوسطاء المحليون والدوليون وقاموا بتهدئة الأوضاع والوصول إلى الاتفاق المزمع توقيعه مطلع الشهر الجاري.
وفي السياق، أوضح الخبير العسكري أمين مجذوب، أنه بالفعل تم التوافق بين قيادة الجيش والدعم السريع والقوى المدنية على دمج قوات الدعم السريع في الجيش، مبيناً أن ورقة “الأسس والمبادئ” نصت على ماهية الإصلاح العسكري ومن الذي سيقوم به وبأية كيفية والفترة التي سيستغرقها، مشيراً إلى وضع جداول زمنية محددة.
ونوه بأن الغرض من الورشة، هو عرض ما تم الاتفاق عليه للرأي العام والاستئناس بآراء الخبراء، وفي نفس الوقت تثبيت التوصيات في الاتفاق النهائي.
وقال الخبير العسكري، إن عملية دمج الدعم السريع تختلف عن دمج الحركات المسلحة باعتبار أن الأخيرة كانت خارج القانون، لأن الدعم السريع كان موجوداً منذ 2013 ولديه قانون صادر عن المجلس الوطني في العام 2017م، وكان يعمل حتى قبل شهر بصورة طبيعية مع القوات المسلحة، وتصاعد الخلاف بين قيادة الجيش والدعم السريع، وطالبت قيادة الجيش بدمج الدعم السريع قبل المضي في الاتفاق السياسي.
ويرى أن عملية الدمج عملية عسكرية فنية تخصصية، ستأخذ وقتها، لافتاً إلى أنه بالنظر إلى اتفاق جوبا سنجد أنه خصص (39) شهراً لقوات الحركات المسلحة، بينما قوات الدعم السريع الآن بأعداد أكبر وعلاقات إقليمية ودولية وإمكانات اقتصادية، متوقعاً أن يأخذ الأمر ما بين أربع إلى خمس سنوات.
وقطع “مجذوب” بأن القوات المسلحة السودانية لديها خبرة في مسائل الدمج فقد قامت باستيعاب القوات العادية في اتفاقية “أديس أبابا” في العام 1972م، كذلك في اتفاقية “نيفاشا” 2005م ثم اتفاقية “الدوحة” عام 2011م، بالتالي ليس هناك ما يدعو للقلق من ناحيتها، وإنما القلق يمكن أن يكون من الجوانب الأخرى، الذين سيصيرون قوات نظامية لديها قوانينها وانضباطها وعقيدتها وليست مهام خاصة.
ووفقاً لـ”مجذوب” فإن التحديات التي تواجه عملية الدمج ستكون في الالتزام بما يتم الاتفاق عليه والإرادة لدى القيادة في التنفيذ، فضلاً عن تحديات أخرى خارج إرادة الطرفين وهي المتعلقة بالجوانب المالية، لأن الأمر كما يقول يحتاج إلى المال والمعدات اللوجستية والخبراء من خارج السودان وتهيئة الأجواء.
إلى ذلك، تواصلت أعمال ورشة الإصلاح الأمني والعسكري في اليوم الثاني، التي اشتملت على نقاشات وحوارات ثرة بين المشاركين والمشاركات عبّرت عن تنوعهم العسكري والمدني.
حيث أقيمت الجلسة الثالثة بعنوان: مدخل نظري في العمل الشرطي (إصلاح الشرطة) التي قدم فيها أ. إياد الجراح عرضاً افتتاحياً، كما قدم اللواء دكتور محمود سليمان ورقة الشرطة حول “الإصلاح في ظل نظام ديمقراطي”، وقام بالتعقيب كل من الفريق دكتور آدم دليل والفريق دكتور محمد عبد المجيد الطيب، وكان في إدارة الجلسة فريق أول دكتور عادل العاجب يعقوب.
كذلك ناقش المشاركون والمشاركات في الجلسة الرابعة تجارب عمل المخابرات (إصلاح المخابرات العامة)، التي قدم فيها كريس لوكهام عرضاً افتتاحياً، كما قدم اللواء مكي عوض محمدين ورقة “رؤية الإصلاح في جهاز الأمن في ظل نظام ديمقراطي”، وقام بالتعقيب كل من اللواء مدني الحارث والفريق تاج السر عثمان.
يذكر، أن ورشة الإصلاح الأمني والعسكري ستواصل أعمالها بحضور ما يفوق (٣٠٠) مشارك ومشاركة. ومن المنتظر أن تخرج الورشة بتوصيات إضافية تضبط العلاقات العسكرية المدنية، وتناقش قضايا إصلاح الأجهزة الأمنية وتحديثها، بالإضافة إلى مسألة تعدد الجيوش ودمج الدعم السريع في جيش واحد بعقيدة عسكرية جديدة.