ضمت اللجنة ممثلين من بعثة “يونيتامس” ومنظمات دولية ونسعى لإضافة شركاء محليين
لن يُدفن أي جثمان ما لم يستوفِ المعايير وفق البروتوكول الدولي للصليب الأحمر
مُنعنا من قِبل هيئة الطب العدلي السابقة أن ننظر إلى جثامين شهداء (28 رمضان) أو العمل عليها
لا صحة لبيع قرنيات ومن يتملك مستندات عليه التوجه إلى النيابة وتدوين بلاغ
اللجنة لن تخضع لأي إملاءات.. ومباشرة العمل مرتبطة بإعلان نتائج التحقيق في تقرير الشهيد (ود عكر) والجثمان رقم (103)
أجرى المقابلة- محمد الأقرع
كشف خبير الاستعراف، عضو اللجنة المختصة بالتعامل مع الجثث المتراكمة بالمشارح، د. خالد محمد خالد، عن ضم شركاء دوليين إلى عضوية اللجنة ممثلين لبعثة (يونيتامس) ومنظمة الصليب الأحمر والمكتب القطري لحقوق الإنسان.
وقال خالد في مقابلة مع (سودانية 24) إن اللجنة تسعى إلى ضم شركاء محليين يمثلون أسر المفقودين ومنظمات المجتمع المدني “مبادرة مفقود”، بالإضافة إلى ممثل لأسر الشهداء وممثل لتنسيقيات لجان المقاومة ولاية الخرطوم.
وأشار إلى أن الخطوة المتعلقة بضم شركاء محليين ودوليين الغرض منها المراقبة لمزيد من الشفافية، وليس تقليلاً من مهنية واحترافية الأطباء الشرعيين في السودان.
وأكد عدم دفن أي جثمان ما لم يستوفِ المعايير الدولية من حيث التشريح وجمع البيانات والأدوات التي تساعد في عملية الاستعراف وفقاً للبروتوكول الدولي للصليب الأحمر، المعتمد لدى السودان، وأوضح في ذات الوقت أن العمل ما زال يدور في الإطار الفني المتعلق بتوفير أدوات العمل والميزانية، مشيراً إلى أن مباشرة العمل متوقفة على إعلان نتيجة التحقيق في قضيتي الشهيد (ود عكر) والجثمان رقم (103).
وقطع خبير الاستعراف بأن العمل داخل المشارح هو عمل فني لا علاقة له بالوضع السياسي أو من يحكم السودان وقال: “نحن نقوم بعمل مهني بغض النظر عن من يحكم هذه البلاد، سواء كان عسكراً أم مدنيين، برهان أم حمدوك، لا يهمنا من يحكم، لكن في حالة أي تدخلات أو إملاءات سنتوقف عن العمل”.
وأبان أن مشارح مدينة الخرطوم تستقبل يومياً ما لا يقل عن (5) جثث مجهولة الهوية، وفي حالة عدم التعامل معها ستتكدس الجثامين في الشوارع، مشيراً إلى أن الوضع في المشارح الآن يمثل كارثة حقيقية تتطلب التعامل بمسؤولية.
وفي سياق متصل، نفى د. خالد صحة الروايات التي تحدث عن بيع قرنيات من داخل مشارح ولاية الخرطوم، مطالباً من يمتلك أية مستندات عن ذلك بأن يقدمها إلى النيابة لفتح بلاغ، وأكد في نفس الوقت عدم صحة البيع على الأقل منذ توقف عمليات الدفن في 2019.
ـ ما هي آخر مستجدات العمل في تشريح جثث مجهولي الهوية المتراكمة بالمشارح.. أو كيف يمضي العمل باللجنة التي تم تكوينها مؤخراً ..؟
لم يتم البدء في أي عمل فني حتى الآن، نحن في مرحلة الإعداد التي تتضمن العديد من الشروط الموضوعة من قبل الأطباء الشرعيين، وتتمثل في أن يقوم النائب العام المكلف بإعلان نتيجتي تحقيق قضية الشهيد “ودعكر” وقضية الجثمان (103)، هذا الأمر الأول، أما الأمر الثاني فقد قدم الأطباء الشرعيون أيضاً اقتراحاً بضم الشركاء المحليين والدوليين في اللجنة، وقد وجد هذا الاقتراح القبول، وحضر الاجتماع السابق شركاء من المجتمع الدولي، ممثلون لكل من بعثة (يونيتامس) ومنظمة الصليب الأحمر والمكتب القطري لحقوق الإنسان، في السياق أيضاً حضر الاجتماع السابق مولانا الطيب العباسي رئيس لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص، وما زلنا في تواصل وعمل مستمر لضم شركاء محليين يمثلون أسر المفقودين ومنظمات المجتمع المدني- مبادرة مفقود- بالإضافة إلى ممثل لأسر الشهداء وممثل لتنسيقيات لجان المقاومة ولاية الخرطوم.
– تكوين اللجنة وجد التشكيك من بعض المراقبين باعتبار أنها خطوة جاءت في ظرف قد يستفيد منه البعض في إخفاء أدلة جرائم متوقع حدوثها لأصحاب الجثامين..؟
اللجنة كوّنت من قبل عضو مجلس السيادة الانتقالي د. عبد الباقي عبد القادر، للتعامل مع الجثامين الموجودة في المشارح، التي يشكل تكدسها كارثة إنسانية مفجعة، تنهتك الكرامة، الجرذان أصبحت تنهش هذه الجثث المكدسة.. أعتقد هذا الأمر يشكل خطراً إنسانياً وأخلاقياً ومجتمعياً وبيئياً تتضرر منه كل ولاية الخرطوم.
الأطباء الشرعيون عندما طالعوا قرار تكوين اللجنة تعاملوا معه بكل مهنية، بعد أن دام التجاهل لفترة طويلة ما أدى إلى تفاقم الأوضاع بصورة مزرية، ولم نتردد لحظة في القبول ومعالجة المشكلة، لكن بالمقابل لن تكون مشاركتنا ضعيفة وإنما مشاركة فاعلة ومؤثرة. نعلم أن هناك العديد من التحفظات على بعض الأفراد داخل اللجنة، لكن نؤكد أن العمل الطبي داخل المشارح هو عمل مهني ومسؤولية الطب الشرعي ولن نتهاون فيه، ولن نتوانى عن كشف الحقائق بغض النظر عن الحديث المثار في الساحة عن التلاعب بالجثامين وطمس حقائق. لن يتم دفن أي جثمان ما لم يستوفِ المعايير الدولية من حيث التشريح، وجمع البيانات والأدوات التي تساعد في عملية الاستعراف وفق البروتوكول الدولي للصليب الأحمر الذي اعتمدته لجنة المفقودين في 2020.. لن نقوم بأي عمل فني داخل المشارح ما لم يتم إعلان نتائج قضية “ود عكر” والجثمان (103)، كذلك لن نقوم بأي عمل إذا لاحظنا أن هذه اللجنة تتجه نحو أي منحى سياسي أو أي منحى يستهدف طمس الحقائق.
اللجنة الآن في عملية إعادة تشكيل، استطعنا أن نكسب الشركاء الدوليين داخل اللجنة، نحن الآن في طور ضمن الشركاء المحليين ونتوقع أن تتم إعادة التشكيل أو إضافة أصحاب المصلحة الحقيقية- أسر المفقودين، المنظمات العاملة في هذا الأمر في القريب العاجلة.
– هناك احتجاج مبدئياً من حيث تسمية اللجنة “دفن الجثامين” باعتباره دلالة تشير إلى قبر الحقائق لا التشريح واستخلاص الأدلة.. ما تعليقك..؟
قلنا ذلك في خطاب اللجنة، وتحفظنا على الاسم من حيث الاسم لا المغزى، لكن متن قرار التكوين يوضح أن اللجنة ستقوم بكل الإجراءات السليمة للتعامل مع الجثامين، لكن طلبنا أن يتحول الاسم من لجنة دفن الجثامين إلى لجنة التعامل مع الجثامين داخل المشارح والمستشفيات، باعتبار أن التعامل يشمل النظر والفحص والتشريح وجمع كل الدلائل الاستعرافية، وحفظها في ملف معلوم.
– إلى أي مدى يؤثر الوضع السياسي الراهن في قيام اللجنة بمهامها ..؟
لا علاقة لنا بالوضع السياسي القائم، نحن نقوم بعمل مهني بغض النظر عن من يحكم هذه البلاد، سواء كان عسكراً أم مدنيين، برهان أم حمدوك، لا يهمنا من يحكم لكن في حالة أي تدخلات أو إملاءات سنتوقف عن العمل، وهذا ما حدث في السابق عندما تقدمنا باستقالاتنا في أغسطس 2021.. الطب الشرعي عمل إنساني مهني لا علاقة له بالسياسة أو أي عمل آخر، يقتصر عملنا في الطب الشرعي على أن يقوم الطبيب بتحديد سبب الوفاة، ويقوم طبيب الأسنان الشرعي بالمساعدة على الاستعراف، وأن نقوم بعمل كل العمليات الفنية المتعلقة بهذا الجثمان، علماً بأننا لسنا الجهة التي تحاسب أو التي تبحث عن من الذي ارتكب الجرم وتقيم العدالة من منطلق تطبيق القوانين، نحن جهة فنية عملها استخلاص الأدلة وحفظ حقوق المتوفى ووضعه في المكان الصحيح حتى يتعرف عليه ذووه، وتساعد سلطات التحقيق في الاستدلال على الجاني الذي ارتكب الجرم وأودى بحياة صاحب الجثمان.
دعنا نقول الكلام بصراحة، نحن نعمل في هذه اللجنة وهناك من يقول إننا نعمل مع الانقلابيين، وأنا أقول لهم نحن نعمل عملاً إنسانياً لا علاقة له بالجوانب الأخرى انقلابي أو غير انقلابي، عملنا طبي بحت لا صلة له بأي شكل من أشكال السياسة، لو أمتنعنا عن أداء هذا العمل لن تتكدس هذه الجثامين فقط في المشارح وإنما في شوارع الخرطوم، لأنه يدخل مشارح هذه المدينة يومياً ما لا يقل عن (5) جثث مجهولة الهوية، مما يضعنا أمام كارثة حقيقية تتطلب التعامل بمسؤولية.
– د. خالد وآخرون كانوا ضمن تيار مناهض للطريقة التي يمضي بها العمل في الطب العدلي وكانت المشارح حينها أيضاً تعاني من التكدس.. يا ترى ما هي الأسباب التي دفعتكم للعودة مجدداً ومباشرة العمل عبر هذه اللجنة وهي تعمل بنفس النظم والإدارات..؟
عدنا لوضع الإطار الفني للعمل، لكن كما قلت لك لن ندخل المشارح ما لم يتم الإعلان عن نتائج التحقيق في قضية تزوير تقرير الشهيد (ود عكر) وقضية الجثمان رقم (103).
– لكن قلتم في بيانكم إن العمل سيتوقف فقط في مشرحة التميز بينما ستباشرون العمل في مشرحتي أم درمان وبشائر..؟
لا، الموقف مبدئي لن نبدأ العمل في كل المشارح ما لم يتم إعلان نتائج التحقيق، سنعمل في وضع الأطر الفنية وتوفير الميزانية، لكن لن (نجر مشرط) في جثة ما لم يتم إعلان نتائج القضيتين اللتين توقفنا بسببهما سابقاً.
– ومتى ستُعلن نتائج التحقيق..؟
النائب العام في آخر لقاء معه كررنا عليه هذا الطلب، وقال إنه فرغ من قراءة ملف هاتين القضيتين وإنه سيقوم بالإعلان عن النتائج.
– في سياق الانتقادات طالعنا بياناً معنوناً من أسر المفقودين و”مبادرة مفقود” يحتج على تكوين اللجنة ويطالب بتجميدها..؟
أسر المفقودين هي الحلقة الأضعف، ونحن نقف معهم في كل القضايا، قرأت المذكرة وأعتقد أن بها مطالب كثيرة مشروعة، وهذه المطالب تقدمنا بها نحن أيضاً بل وطلبنا من وزارة العدل أن تقوم بدعوة المحامي عثمان البصري- المحامي كاتب المذكرة عن أسر المفقودين ومبادرة مفقود- لحضور الاجتماع الرابع للجنة الذي سبق تقديم هذه المذكرة، ويكون جزءاً من هذه اللجنة، وقد رفض الدعوة، وفي نفس الاجتماع حضر الأستاذ الطيب العباسي رئيس لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص، ونحن نعلم أن لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص هي الجسم الأعم، “مبادرة مفقود” جزء من عضويتها وأسر المفقودين أيضاً ممثلة فيها وحتى المحامي عثمان البصري جزء من عضويتها، بالتالي حضور مولانا الطيب العباسي كان فرصة جيدة لعكس هذه المطالب، وهذا لا يقلل من شأن الجهات تقدمت بالمذكرة أو أسر المفقودين الذين من حقهم أن يكونوا جزءًا من العمل واللجنة، وأن يكونوا شهداء على ما نقوم به.
– رفضت فكرة الاستعانة بفريق دولي (أرجنتيني) في وقت سابق والآن تكوين لجنة محلية بواقع الحال تعوزها الإمكانات المادية.. ألا ترى أن ذلك سبباً كافياً لإثارة الشكوك..؟
الأفضل أن نسأل الشخص الذي قام بطرد الفريق (الأرجنتيني)، من قام بمنع دخولهم هو النائب العام مبارك محمود، في زمن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ووزير مجلس شؤون الوزراء خالد عمر يوسف، وحينما حاول الفريق الأرجنتيني الشكوى لوزير شؤون مجلس الوزراء، ماذا فعل؟
الفريق الأرجنتيني لم يأت لمشكلة التكدس وإنما جاء لمشكلة أخرى، وقرر المساهمة في حل هذه القضية، لكن تم طرده والمسؤول عن ذلك قد يكون خارج الصورة والأمر في اعتقادي يحتاج إلى محاسبة.
– كان هناك حديث عن عينات أخذت في وقت سابق من بعض الجثامين للفحص في دولة الإمارات حسب متابعات ما هي النتائج ..؟
هذا الموضوع نحن بعيدون عنه، من تحدث عن أخذ عينات كان أيضاً النائب العام السابق، وكان يتحدث عن شهداء (28 رمضان)، ونحن مُنعنا من قِبل هيئة الطب العدلي السابقة من أن ننظر إلى جثامين (28 رمضان) أو العمل عليها، وأعتقد ما حدث في هذه القضية جريمة أخرى وسنضعه في دفتر حفظ الحقوق، وحينما يأتي الوقت المناسب سنطرحه، نرى الآن أن الجثامين المتكدسة في المشارح كارثة كبيرة، أما جثامين (28 رمضان) فيمكن التعرف عليها بعدة طرق.. ولكي يفهم الناس، فإن الفريق الأرجنتيني جاء أساساً للنظر في هذه الجثامين أو الرفات.
– وأين جثامين أو رفات شهداء (28 رمضان) الآن..؟
موجودة بمشرحة التميز، وحدث الطرد الذي تحدثنا عنه آنفاً وكان من ضمن الفريق واحدة من أفضل الطبيبات في العالم بمجال الاستعراف عن طريق العظام، تم طردها وفشلنا في الاستفادة منها.
– تابعنا مؤخراً حديثاً منشوراً في الصحف المحلية عن بيع قرنيات من الجثث مجهولة الهوية في المشارح ما صحة ذلك..؟
هذا الحديث عارٍ من الصحة على الأقل منذ توقف عمليات الدفن في العام 2019، لا يوجد أي بيع لقرنيات أو غيرها داخل المشارح، إذا كان المتحدث يتكلم عن جرائم سابقة وهو يعلم عنها فليتقدم ببلاغ إلى النيابة.
– هل يؤثر تطاول زمن عدم التشريح في عملية الاستعراف على الجثامين..؟
كلما تأخر الزمن تزداد المهمة صعوبة لكنها ليست مستحيلة، الجثامين وأن قبرت يمكن بعد مئات السنين الاستعراف عليها وإن تحللت وتعفنت كما يحدث الآن يمكن التعرف عليها، نحن لا نخشى من تطاول الزمن في هذه العملية بقدر ما نرفض استمرار وضع هذه الجثث بهذا الشكل المهين واستمرار التكدس.. في السياق نتمنى الإسراع في افتتاح مشرحة جديدة يمكنها استقبال الجثامين في الفترة القادمة حتى نستطيع التعامل مع الجثامين المتكدسة دون استعجال في تفريغ هذه المشارح.