الخرطوم – سودانية 24
لأشهر طويلة، تنتظم ستة مراكز بحثية مهمة تابعة لوزارة التعليم العالي، في إضرابات مستمرة عن العمل وصل مرحلة عدم حضور العاملين والإغلاق الشامل، بهدف الضغط على السلطات من أجل الاستجابة للمطالب المتعلقة بزيادة المرتبات وتحسين بيئة العمل.
وطيلة الفترة الماضية لم تبد وزارة التعليم العالي أو الجهات الحكومية الأعلى منها، إيَّ خطوات أو تفاعل حميد لحل مشكلة العاملين، بل فاقم هذا التجاهل المتواصل من فرص الحلول المرضية لكل الأطراف. فقد أعلن تجمع العاملين بهذه المراكز التصعيد الشامل حتى تحقيق المطالب كافة دون نقصان أو تجزئة.
ويطالب العاملون في كلٍّ من: “هيئة الطاقة الذرية، المركز القومي للبحوث، المركز القومي لأبحاث الطاقة، أكاديمية السودان للعلوم، دائرة الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية والمعمل المركزي”، بزيادة الأجور أسوة برصفائهم بالجامعات والعاملين برئاسة الوزارة.
العاملون بالمراكز يجأرون بمرِّ الشكوى بسبب المرتبات الضئيلة:
أواخر العام 2021م، كان هناك تحرك جماعي لكل العاملين بوزارة التعليم العالي “جامعات ومراكز، باحثون وتقنيون، وإداريون وعمال”، لكن استطاعت السلطات تفتيت تلك الكتلة عبر مخاطبة مشاكل فئات محددة دون الآخرين، مثلاً استجابت لمطالب أساتذة الجامعات والعاملين بها دون غيرهم، وتحت الضغط أيضاً أقرت زيادات للباحثين بالمراكز، في حين تركت العمال والتقنيين والإداريين للمرتبات الضيئلة، وفقاً لهيكل الخدمة المدنية.
العاملون بالمراكز يجأرون بمرِّ الشكوى بسبب المرتبات الضئيلة التي لا تكفي تكاليف المعيشة ولا كُلفة الوصول للعمل. إحدى العاملات قالت إن راتبها يبلغ (25) ألف جنيه فقط ومطلوب منها الحضور يومياً، مما اُضطرها إلى بيع الشاي في المركز الذي تعمل به لسد نفقاتها المعيشية.
“تقني” آخر يعمل في واحد من المراكز البحثية المضربة، قال إنه في الدرجة الخامسة ومرتبه الشهري لا يتجاوز الـ(60) ألف جنيه بعد علاوة أضيفت في الأيام الماضية، وهو مُجابه باحتياجات كُلفتها تفوق خمسة أضعاف هذا المرتب.
وزارة التعليم العالي التي ترفض حتى الآن الاستجابة لمطالب العاملين بالمراكز البحثية، أصدرت قراراً في أغسطس من العام الماضي بتحسين شروط الخدمة لغير الأكاديميين العاملين برئاسة الوزراء، واستثنائهم عن البقية من المراكز الأخرى بدون أي سند قانوني، كذلك أقرت نفس الجهات زيادات للعاملين بالجامعات.
المفارقة المدهشة، أن هناك مراكز بحثية كانت تتبع في وقت سابق لوزارة التعليم العالي، وتم إلحاقها بوزارات أخرى نسبة لتخصصها، أقرت وزارة العمل والإصلاح الإداري تحسين أجور العاملين فيها على نسق الزيادات التي أجازتها وزارة المالية للعاملين في الجامعات، وبررت أن هذا القرار جاء قبل رفع توصيات من وزارة الاختصاصات مثل وزارة الزراعة مع هيئة البحوث الزراعية.
ويزعم العاملون بالمراكز التابعة للتعليم العالي، أن هضم حقوقهم أمر مقصود من قبل الوزير المكلف لعدم رفع توصيات للجهات العليا، الأمر الذي دفعهم لتضمين مطالبة بإقالته ضمن مذكراتهم التي رفعوها إلى مجلس الوزراء ومجلس السيادة.
الوزير المكلف يرفض مقابلة تجمع العاملين:
يقول عضو المكتب التنفيذي لتجمع العاملين بالمراكز البحثية خالد شمين، إنهم خاطبوا الوزير مطالبين تطبيق الهيكل الراتبي لغير الأكاديميين بالمراكز أسوة ببقية العاملين بالوزارة، وكان رد الوزير بأن هذه المراكز تختلف مالياً وقانونياً عن الجامعات.
وأشار إلى أن ردهم كان أن اختلاف آليات صرف المرتبات في الوزارة الواحدة لا يعني بالضرورة حرمان العاملين من استحقاقاتهم، كما أن العاملين برئاسة الوزارة وإداراتها المختلفة قد تم تحسين شروط خدمتهم على الرغم من أن آلية صرف مرتباتهم هي نفس الآلية للمؤسسات البحثية.
وقال “شمين” إن الوزير رفض مقابلتهم لذلك هم ظلوا ينفذون الإضرابات والوقفات الاحتجاجية طيلة الفترة الماضية، منوهاً إلى أن الوزير تحت الضغط خاطب مؤخراً وزير مجلس الوزراء لتحسين شروط الخدمة لغير الأكاديميين، لكن دون أن يوضح لهم طبيعة هذه التحسينات.
التجمع كشف عن مخاطبته لوزير مجلس الوزراء، الذي بدوره بعث بخطابات لكلٍّ من وزارة المالية والمجلس الأعلى للأجور وديوان شؤون الخدمة، طالباً إبداء الرأي واقتراح المعالجة المناسبة.
لكن يرى “شمين” أن الموضوع لا يحتاج لشيء سوى تطبيق شروط الخدمة المجازة سلفاً للعاملين غير الأكاديميين بالوزارة دون استثناء، فلا يمكن تطبيق أكثر من هيكل راتبي للعاملين بالوزارة الواحدة.
يشار إلى أن عدد العاملين غير الأكاديميين في كل المؤسسات البحثية الـ(٦) لا يتجاوز الـ(٧٧٠) من عامل وإداري وتقاني، وفرق المبلغ المطلوب لتحسين الأجور لا يتعدى الـ(٦٠) مليون جنيه شهرياً، وهو بحسب تجمع العاملين يعتبر أقل من مرتبات العاملين في أي جامعة حكومية.
تأثير الإضراب والتهديد بمزيد من التصعيد:
ويذكر أن الإضراب لا يقتصر على العاملين غير الأكاديميين فقط، بل شمل حتى الباحثين الذين تضامنوا مع رفقائهم في هذه المؤسسات، ودون شك أثر هذا الإضراب على سير العمل إذا لم يكن قد شله تماماً.
يقول وكيل المركز القومي للبحوث معتز الدريدي، إن الإضراب أثر على المراكز البحثية باعتبار أن الكوادر المساعدة جزء لا يتجزأ من منظومة العمل.
ويعتقد “الدريدي”، أن العاملين لهم الحق في المطالبة بحقوقهم التي تعترف بها إدارة المراكز البحثية وتسعى لحلها.
ويوضح بأنه حسب نص القرار رقم (466) والصادر من مجلس الوزراء لسنة 2001م، تم مساواة الكوادر المساعدة بالمراكز البحثية بكوادر وزارة التعليم العالي، ويذهب إلى أن الحل يكمن في مخاطبة وزير التعليم العالي لمجلس الوزراء وفق هذا الخصوص.
يشاع بين أعضاء التجمع أن الوزير رفض مقابلة مديري المراكز حين ذهبوا إليه لمناقشة هذه المشكلة، وحين استسفرنا “الدرديري” عن هذا الأمر أجاب قائلاً: “يفترض يتم الرد على السؤال بواسطة مناديب التجمع، بالنسبة لإدارة المركز القومي للبحوث فقد خاطبت الوزير أكثر من مرة لمخاطبة مجلس الوزراء مسنوداً بالقرار المذكور أعلاه (466).
وتابع: “أيضاً استضاف مدير المركز القومي للبحوث مديري المراكز البحثية التابعة لوزارة التعليم العالي بمكتبه في اجتماع يحوي بند الهيكل الراتبي فقط، وتم تشكيل لجنة مصغرة من المديرين لمقابلة الوزير، وقد وعد مدير المكتب التنفيذي للوزير بترتيب المقابلة في بحر هذا الأسبوع”.
“سودانية 24” حاولت الاستفسار عن آخر التطورات في مجلس الوزراء لكن رفض المسؤولون عن هذا الملف إبداء أي تصريح أو إفادة.
بالمقابل، يشدد تجمع العاملين، على الإضراب إلى حين تنفيذ المطالب، كما سيقومون بتصعيد الأمر لأعلى مستويات الدولة في ظلِّ التجاهل المتعمد من الوزارة.