الخرطوم: رندا عبد الله
بعد نحو من عام، باتت إحدى أبرز رمزيات ثورة ديسمبر، في مهب ريح العسكر، حيث تشير الوقائع لإلغاء قرارات سبق وأن أصدرتها لجنة إزالة التمكين المجمدة بعد قرارات “25 أكتوبر”.
وعديدة هي الشواهد، التي تعزز من فرضية الرغبة في هدم إرث اللجنة، بكلِّ ما تحمله من رمزية ثورية. والثابت أن العداء تجاه اللجنة سابق لقرارات “25 أكتوبر”، ولم تنفك المحاولات لوضع العراقيل أمامها، وتصوير ما تقوم به بأنه مخالف للقانون، وإن كانت تلك المحاولات في الأوقات السابقة محض تلميحات وأقاويل لم تبارح مكانها، بيد أن ما كان يقال سراً عن اللجنة خرج للعلن، وصدرت عدة قرارات مناهضة لقرارات اللجنة، يمكن الإشارة لجزء منها، مثل: إبطال المحكمة القومية العليا مؤخراً قرارات سابقة للجنة ضد القيادي بالمؤتمر الوطني المنحل عبد الباسط حمزة، وأعادت إليه أمواله وشركاته المصادرة، وذلك ربما امتداداً لقرارات كثيرة أصدرتها المحكمة القومية العليا استهدفت إبطال قرارات لجنة التفكيك المجمدة.
وفي ظل حالة الغموض حول مصير قرارات لجنة إزالة التمكين، نستجلي في هذا التقرير كيفية المعالجة القانونية لمسألة إلغاء قرارات اللجنة ضد تمكين الحزب المنحل، إذا عاد المسار الديمقراطي مرة أخرى.
يقول القيادي بقوى الحرية والتغيير ولجنة إزالة التمكين المجمدة بقرارات الإنقلاب وجدي صالح، إنه بالإجمال يمكن القول إن كل قرارات اللجنة تم إلغاؤها بما فيها القرارات ضد واجهات حزب المؤتمر الوطني، وذلك على الرغم من سريان القانون الذي حلَّ هذه الواجهات، فيما لم يستطيعوا -والحديث لصالح- إلغاء القرار الصادر بحل المؤتمر الوطني.
وأبدى وجدي استغرابه من إعادة الواجهات التي نصَّ القانون على حلِّها مثلما نصَّ على حل حزب المؤتمر الوطني الذي لم يستطيعوا إلغاء حله، ونفى أن يكون لديهم حصر دقيق للقرارات التي تم إلغاؤها باعتبارهم بعيدين عن دائرة اتّخاذ القرار -حسب وصفه-، وأضاف ولكن بشكل تقديري، فغالب القرارات التي اتخذتها اللجنة -إن لم تكن جميعها- تم إلغاؤها دون أي أسباب وأسانيد قانونية، وإنما تم الإلغاء بواسطة إرادة الإنقلاب، وإرادة الفلول الذين تحالفوا معه.
رمزية الثورة:
واعتُبرت لجنة إزالة التمكين لدى قطاع عريض من المؤمنين بالتغيير الديمقراطي بالبلاد، رمزية الثورة وأيقونتها، رغم الجدل الكثيف الذي ثار حولها إبان حكومة الفترة الانتقالية، فيما تشدد قوى الحرية والتغيير، على أن قرارات اللجنة التي أضرت بالتمكين والفساد، كانت السبب الرئيس الذي دفع العسكر لتنفيذ الإنقلاب على الحكومة المدنية.
تفاصيل ما تم:
وقال القيادي باللجنة وجدي صالح، في تصريحٍ لنا، إن إرادة سلطة الإنقلاب تتّجه نحو إعادة النظام القديم وإلغاء كل قرارات لجنة التفكيك وإعادة تمكين رموز النظام السابق وواجهاتهم التنظيمية والسياسية والحزبية ومنظماتهم، إلى العمل مع تمكينهم من الناحية الاقتصادية بردِّ الأموال.
وكشف صالح عن ما يمكن أن يتم بخصوص قرارات لجنة إزالة التمكين التي تم إلغاؤها في حالة استرداد الشعب السوداني لسلطته وإسقاطه الإنقلاب، قائلاً: إن كل قوى الثورة توافقت حالياً على ضرورة الاستمرار في مهمة تفكيك بنية نظام الثلاثين من يونيو، ومن ثمَّ لا بدَّ أن تُتّخذ قرارات بهذا الشأن، وكذلك بشأن القرارات التي صدرت بعد 25 أكتوبر، وأردف: “تم النصُّ على كل ذلك في مشروع الدستور الانتقالي الذي توافقت عليه بعض قوى الثورة التي شاركت في الورشة التي عقدت بدعوة من نقابة المحامين السودانيين، والتأكيد تماماً على الاستمرار في المهمة، وبالتالي تمّ النصُّ على تفكيك بنية نظام الثلاثين من يونيو، وأيضاً إلغاء كل القرارات الصادرة بعد 25 أكتوبر، وتمكين إنقلاب 25 أكتوبر”.
وأضاف وجدي، كل تلك القرارات سيتم التعامل معها باعتبارها قرارات واجبة الإلغاء، وسيتم النصُّ على ذلك في القانون بناءً على الوثيقة الدستورية والدستور الانتقالي، وسيفصل القانون في كيفية إلغاء هذه القرارات، وزاد لذلك نقول للذين عرضت عليهم أموال كان قد تم استردادها، إنه لا يجوز الاعتذار بعد إسقاط هذا الانقلاب بعدم العلم أو بالشراء بحسن النية، وشدد على أن كل هذه الأموال هي أموال الشعب السودانِي ويجب أن تعود إلى الخزينة العامة وستعود بعد إسقاط الإنقلاب.
رأس رمح الثورة
وشُكّلت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد التي أصدر قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أمراً بتجميدها لحين مراجعة قانون عملها، في “10 ديسمبر/2019م”.
وبحسب تقارير صحفية، تبدو أهمية اللجنة في أنها تعتبر “رأس رمح الثورة”، بحسب مؤيدين، في تفكيك نظام المعزول البشير الذي مكّن لعناصره من مفاصل الدولة في كل الوظائف الحكومية، كما مكنها من السيطرة على الاقتصاد بالفساد. فيما يرى منتقدو اللجنة، أنها تعمل على تصفية حسابات سياسية وشخصية، إذ حلت اللجنة عشرات المنظمات الطوعية وصادرت أموالها لاتّهامها بالعمل تحت غطاء العمل الطوعي والحصول على أراضٍ، وكذلك صادرت شركات مملوكة لقادة ورجال أعمال، كانت تحصل على تمويل وامتيازات وتدعم به أعمال الحزب الحاكم.
وتشير التقديرات غير الرسمية، إلى أن الأموال التي صادرتها لجنة إزالة التمكين تتجاوز مليار دولار، كما فصلت اللجنة مئات العاملين في أجهزة الدولة من قضاء ووكلاء نيابة وأجهزة إعلامية ووزارات، بما فيها وزارة الخارجية، لحصولهم على الوظيفة بدون وجه حق، حسب اللجنة.
رؤية قانونية:
من ناحيتها، تقول القيادية بالحرية والتغيير عبلة كرار، إنه في حال عودة مسار الانتقال سيكون من أهم مهام الفترة الانتقالية إصلاح الأجهزة العدلية، وأضافت لاشكَّ أن النظام القضائي جُيّر بشكل كبير في فترة الإنقاذ، ويظهر هذا التجيير بوجود أكثر من 300 قاضي محكمة عليا، وهو عدد كبير جداً، لذلك صدرت تلك الأحكام وأعادت الأموال المنهوبة، بالرغم من سريان قانون التفكيك.
وتضيف عبلة، لذلك يجب تعديل القانون واللجوء للمحكمة الدستورية بعد تشكيلها، باعتبار أن ملف التمكين ورد في الوثيقة الدستورية 2019م تعديل 2020م.